طفلي لا يقول الصدق!!
هل هذه مشكلة تحتاج العلاج أم ماذا؟!
الكذب عند الأطفال هو سلوك غير سوي ينتج عنه العديد من المشكلات الاجتماعية، ويعتبر سلوك مكتسب من جانب البيئة، القدرة على تنميق الكلام والقدرة على الإقناع تغريان من يملكهما بالكذب على نحو خفي وقد ينظر الوالدان إلى كذب الطفل على أنه أمر بسيط وطارئ، وكثيراً ما ينظر الآباء إلى السلوك بقلق شديد دون النظر إلى أسبابه ودوافعه خصوصاً عندما يكبر الطفل؛ ذلك لأن الكذب بشكل مستمر يجعل منه وسيلة مقنعة وفعالة للطفل، تجلب المنافع له وتجنبه المتاعب.
لكن الكذب لدى الصغار يختلف باختلاف غرضه ودوافعه وأنواعه وأساليبه
ماذا نعني بالكذب؟!
الكذب هو ذكر شيء غير حقيقي، مع معرفة أنه كذلك، بنيَّة خداع الآخر، للحصول على مكاسب، أو تجنب خسائر بالرغم أن الصدق سمة أساسية للحياة، وهو ركيزة أولى لشعور الفرد بالمسئولية، سواء كانت مسؤولية دينية أو عملية أو اجتماعية وإن الكذب سلوك ليس صفة فطرية بل مكتسبة تتكون لدى الطفل عن طريق التعليم والتقليد، فإن كثرة تكراره يسبب تعود النفس عليه، واستهانتها به ، حتى يصبح عادة ملازمة لها .ورغم مركزية الصدق في بناء شخصية الإنسان، إلا أننا نجد أن الكذب سلوك شائع في مرحلة الطفولة .
فما هي أنواع الكذب؟!
وهناك عدد من انواع الكذب تبعاً لأسبابه، وأهمها:
الكذب الخيالي
وهو شكل من أشكال زيادة القدرات الإبداعية عند الطفل، ومعيشته في عالم الصور والأحلام، وهو يمارسه باعتباره لعبة، كالطفل الذي يحكي حكايات عجيبة أسطورية ، ويصور نفسه باعتباره بطلاً لقصصه، ولا قلق من ذلك، إذ ينمي الطلاقة اللغوية، والقدرة على التصوير، والاستخدام المجازي الاستعاري للغة، على أن يُشعِر الوالدان الطفل بأن هذا عالم آخر مفارق للواقع.
الكذب الإلتباسي
نوع بريء سببه عدم تمكن الطفل من التمييز بين ما يراه حقيقة وما يدركه واضحاً في مخيلته، إذ يسمع الطفل حكاية خرافية أو قصة واقعية، وسرعان ما نسمعه في اليوم التالي بعد أن تعايشها مشاعره ويتوحد بها؛ يتحدث عنها وكأنها وقعت له بالفعل، وقد يرى حلماً فيتوهم أنه حقيقة .
ويزول هذا النوع عادة من تلقاء نفسه مع نمو الطفل ونضجه وتوصله إلى إدراك الفرق بين الحقيقة والخيال، وينبغي على الوالدين مساعدة الطفل بروية وهدوء في التفريق بين الحقيقة والخيال.
الكذب الإدعائي
حين يجعل الطفل من نفسه محط إعجاب الآخرين بالحديث عما يملك أو ما جرى له، ويكون ذلك كله محض خيال لا حقيقة له. وينشأ عادة من شعور الطفل بنقصه، إذ تعظيم الذات محاولة للتعويض عن الشعور بالدونية ؛ نتيجة وجود الطفل في بيئة أعلى من مستواه، أو تمنيه للأفضل أمام زملائه والتوحد فيما تمناه
الكذب الغرضي أو الأناني
لتحقيق رغبة شخصية، كأن يطلب الطفل من أبيه مالاً لأمه بينما يريده لنفسه وقد يكون سبب ذلك فقدان ثقة الطفل في بيئته المحيطة، فلو علم حرصهم على تحقيق رغباته لما افتعل هذا الأسلوب للحصول عليها.
الكذب الانتقامي
يكذب فيه الطفل ليتهم طفلاً آخر حتى نعاقبه أو ننتقم منه أو نسيء إلى سمعته؛ ودافع ذلك عادة الغيرة أو الإحساس بالتمايز بينه وبين الآخر.
الكذب الدفاعي
ويظهر نتيجة محاولة الطفل أن ينقذ نفسه من الوقوع في عقوبة؛ إما بسبب المعاملة المتجاوزة للحد في العقوبة إزاء بعض الأخطاء، فيلجأ إلى الكذب لحماية النفس من السلطة الجائرة ويظهر هذا السبب بكثرة في الأسر التي تستخدم العقاب كثيراً في تعاملها مع أبنائها ، ويتحول فيها الأب من شخص متفهم لمشكلات طفله إلى محقق بوليسي ، فيلجأ الطفل إلى الكذب ليدفع عن نفسه التهمة ، حتى لو ألصقها بالآخرين
أو أن يخسر امتياز خاص، لأن الصدق يفقده إياه، أو حماية الأخ والصديق من العقوبة، وقد يسمى ” كذب الإخلاص والوفاء “ .. وقد يكون نوعاً من الولاء للجماعة ” كذب الأطفال في الصف على المدرس لحماية بعض أصدقائهم
أربع خطوات بسيطة لوقاية أطفالنا من الكذب؟!
- تجنب دور المحقق حين تسأل أبناءك عن سلوك ما ؛ لأنهم حين يضطرون للاعتراف بالخطأ سيغيرونه قدر الإمكان، وحاول جمع الحقائق من أطراف أخرى ، ثم واجهه بها بتفهم ومحبة وتقدير له ، وثناء عليه
- ابدأ بنفسك أولاً، التزم بمعايير الصدق التي تضعها لطفلك، واجعل سلوكك متوافقاً مع ما تطالب أطفالك به.
- تنمية القيم الدينية لديهم، تحدث كثيراً مع أسرتك عن الأخلاق، ذكر قصص من سيرة الرسول( صلى الله عليه وسلم) وصفاته الصادق الأمين، واثر حصيلته المعرفية بقصص الصحابة والقدوات المميزة
- تجنب استخدام العقاب الشديد المتكرر الذي يضطر الطفل معه إلى الكذب لينجو منه، لأنه ليس هناك عمل يستحق أن تحول ابنك إلى كذاب من أجله !!
خطوات لعلاج مشكلة الكذب عند الاطفال
- محاولة حل مشكلات كثيرة في الوقت نفسه يمكن أن يقود إلى الفشل، يجب علينا تحديد السلوك المراد تغييره وعلاجه.
- دورك رئيسي وفعال في محاولة العلاج يجب ان لا تغفل عنه، وأن لا تدعه للزمن، أو لتدخل آخرين.
- بعد تحديد المشكلة” الكذب”، حدد دوافعه وأسبابه، واهتم بمعالجتها هي أولاً. وتبين حالة الكذب ونوعه ودرجة تكراره ودوافعه
8 خطوات تساعدك لعلاج مشكلة الكذب لدى الأطفال
- قدم لطفلك المزيد من الثناء والتقدير ليزيد تقديره لذاته، فلا يضطر إلى أن يكذب لكي يحصل عليها، كن أقل قسوة، وحدد جزاء معقولاً للكذب، واجعل الصدق أكثر إثابة.
- تدرج في ما تكلف الطفل به من مسؤوليات لا تتوقع الكثير من الطفل في وقت قليل، ساعد الطفل في استكشاف طرق أخرى للحصول على الأشياء المرغوبة في حال خوفه من الفشل.
- ركز على الأساليب الإيجابية التي تهدف إلى زيادة السلوك المقبول، باستخدام الثناء والمكافآت، فعن طريق تقوية السلوك الصحيح (وهو الصدق) يقل احتمال ظهور السلوك الخاطئ ( وهو الكذب).
- استخدم الجزاءات: وضح للطفل أنك تعرف أنه لم يقل الحقيقة في كل مرة يصدر منه ذلك، لأن نجاحه في الكذب وعدم كشفه له، يشعره بلذة وسرور يعززان عودته إليه ثانية؛ ثم علم أطفالك أن كذبهم لن ينجح، وأنه لن يحقق لهم مصالحهم، ولن يخفض العقوبة عنهم؛ وكرر عليهم أنهم لو قالوا الصدق فستعمل كل ما في استطاعتك لمساعدتهم والتخفيف عنهم، وأشعرهم انك في صفهم، وينبغي أن تكون صادقاً في ذلك، وإلا كان لسلوكك هذا نتيجة سلبية.
- اتبع أسلوب التفاهم والمحبة في النقاش لا السلطة المعاقبة.
- قم بعدد من الرحلات والأنشطة ودع الأطفال يصفونها بحيث يتسنى لهم رؤية الحقائق والحديث عنها ، مما يكسبهم الدقة في وصف أنشطة الحياة.
- شجع من له قدرة خيالية واسعة على قراءة الشعر والقصة ومحاولة التأليف الإبداعي.
- حاول إجراء بعض التجارب أمام الأطفال ووصفها بدقة ليتعزز لديهم الدقة في الإدراك والتعبير.