الألم ليس عدواً – هل كنت تعرف أنه صديق مخلص؟

الألم ليس عدواً
ربما قد أكون من الناس الذين قد سمعوا كثيراً بتلك المصطلحات التي تمجد السعادة بطريقة لا منطقية، ولا تتصل بالواقع أي اتصال، أو كتلك التي تخبرنا باننا لا يمكن لنا ان نرى الحياة بنظرة رمادية، وتمجد اللون الأبيض تمجيداً بديهياً دون اية ادراك. ولكنني دائما ما اقتنعت بان الألم ليس عدواً و أدركت أنه لا يتبدد إلا بعيشه، لا بإنكاره ولا بتجاهله
وما لا شك فيه، أن كل ما ينتاب المرء من مشاعر الألم أو الحزن أو الفقد، فإنها في نهاية الأمر مشاعر. إذا ما قورنت، فإنها تقبع في خانة السلبية. لكن ذلك لا ينفي وجودها أبداً. ولا يجب أن نحاول جاهدين أن ننفي أي شعور قد نشعر به، حتى ولو كان سوداوياً.
فالخطوة الأولى لتغيير أي شعور هي “الاعتراف بوجوده”. فكيف سنعترف بذلك الألم إن كنا لا نراه أو لا نقتنع بأننا نعيشه حتى؟!
تذكر دائمًا، الألم ليس عدواً. بل هو دليل على أننا أحياء ونشعر.
الألم ليس عدواً يجب هزيمته.
ففي اللحظات التي نشعر فيها بالضياع، نبدأ في رؤية الألم بعيوننا الداخلية. يلامسنا في أكثر اللحظات ضعفًا، في الأيام التي لا نحسن فيها الحديث عن أنفسنا، ولا نجد الكلمات التي تواسي تلك المساحات في دواخلنا، ان الألم يحفر بنا عميقاً، ولكن على الرغم من ذلك، هو جزء منا
الألم ليس عدواً ولا قيداً للروح، بل هو دعوة للعودة إلى الذات، للغوص في أعماقنا والبحث عن معنى جديد في تلك اللحظات التي نرى فيها كل شيء مظلماً.
وما أحلى من أن نستطيع أن نعترف بألمنا، أن نواجهه بصدق وندعه يمر بنا؟ لا ينبغي لنا أن نخجل من تلك اللحظات، يجب أن نكون قادرين على أن الاعتراف لأنفسنا: بذلك الألم، فبذلك فقط، نكون قد منحنا أنفسنا الحق في أن نعيش. إن إنكار المشاعر أو الهروب منها لا يؤدي إلا إلى تفاقم الألم وعيشه بشكل خفي، بحيث يصبح أكثر تعقيدًا، في حين أن مواجهة الألم، وعيشه، هو الطريق الصحيح إلى الشفاء.
لكن ما يميز الألم حقاً، هو قدرته على تحويلنا، ولن يحدث هذا التحول إلا عندما ندرك أن الألم ليس عدواً، بل رفيق يعيد تشكيلنا ولكن بشرط أن ان نتعامل معه بحكمة
فهم الألم يعني فهم انفسنا
في كل لحظة ألم هي فرصة جديدة لنفهم أنفسنا أكثر، لنتعلم كيف نتصالح مع جوانبنا المظلمة. ولندرك ان الألم ليس عدواً. إننا في الأوقات الأكثر صعوبة نكتشف قوتنا الحقيقية، ونصل إلى مواطن القوة التي كانت في خفاء عنا. الألم يفتح أبواباً كانت مغلقة، يمنحنا فُرصاً للتطور والنمو، لا سيما حين نقرر أن نكون صادقين مع أنفسنا.
إن الحياة لا تتطلب منا أن نعيشها في السعادة المستمرة، بل تتطلب منا أن نعيشها بكل تجلياتها، بما فيها من ألم وفقد وفرح. أن نسمح لأنفسنا أن نعيش ونشعر بكل لحظة فيها، دون أن نرفض أي شعور. الحياة لا تتحقق بتجنب الألم، بل بتقبل كل تجربة نمر بها، ومحاولة الاستفادة من تجاربنا السابقة
لن يكون كل يوم مليئاً بالضوء، إذا لم نسمح لأنفسنا بالعيش في الألم، كيف لنا أن نعرف ما يعنيه الفرح؟ وكيف لنا أن نحتفل بكل تلك النعم التي انعم اله بها علينا! ولنعلم ان الألم ليس عدواً على الاطلاق
إننا عندما نُقرّ بالألم الذي نعيشه، لا نكون قد استسلمنا له، بل قد اختبرنا القوة الكامنة فينا. ألمنا ليس عبئًا يجب التخلص منه، بل درسًا يجب الاستفادة منه،
لا تنخدعوا بمروجين السعادة العارمة و التي نراهم على فيسبوك وانستجرام ، وصدقوا قول الحق تبارك وتعالى ( ولنبلونكم )
وفي النهاية، تبقى الحقيقة البسيطة التي لا مفر منها:
“لا يتبدد الألم إلا بعيشه”
فلنعيشه بكل ما فيه من تفاصيل،
ولندرك أن هذه اللحظات هي التي تجعلنا أكثر إنسانية، وأكثر قدرة على الحب والفهم، وأكثر استعدادًا للسلام الداخلي